انبعاث لا ساماريتان

هكذا تكون المتاجر الكبرى المستقبلية

على قائمة المتاجر الكبرى للقرن العشرين، تتميز لا ساماريتان، أولاً وقبل كل شيء بموقعها الرائع في الدائرة الأولى لباريس، حيث تطل على نهر السين من الضفة اليمنى، على مقربة من المعالم الشهيرة (مثل متحف اللوفر، مركز بوبور، متحف أورسيه، ونوتردام). وها هي تسترجع مكانتها مرة أخرى كمركز للعاصمة الفرنسية، بل وأكثر من ذلك ... فالمتجر متعدد الأقسام الذي أعيد افتتاحه في يونيو 2021 بعد أعمال تجديد كبرى، كان منذ العام 1870، ملتقى المتسوقين في باريس، عندما قرر كل من إرنست كونياك وزوجته ماري- لويز جاي الانتقال إلى هناك. وما بدأ كمتجر صغير عند زاوية شارع دو لا موني وشارع دو بون نوف، اتسع تدريجياً ليستوعب المتاجر المجاورة. في العام 1910، تم افتتاح المبنى ذو طابع الفن الجديد" الآرت نوفو" الذي صممه المهندس المعماري البلجيكي فرانز جوردان. وسرعان ما تحول المبنى إلى تحفة معمارية من الخارج والداخل، بما تميز به من أحجام جريئة وهيكل معدني وزخارف معقدة. في العام 1928، ألحق به مبنى إضافي ذو طابع الفن الجديد "الآرت نوفو" من تصميم المهندس المعماري الفرنسي الرائد هنري سوفاج، مما رسخ سمعة لا ساماريتان باعتبارها مزارا لسكان المدن في ذلك الوقت.

"أل في ام اتش" ( LVMH)

نقلة سريعة لغاية العام 2001، حيث استحوذت مجموعة "أل في ام اتش" ( LVMH) على 55٪ من لا ساماريتان (100٪ بعد ذلك بتسع سنوات). غير أن بعض المخاوف المتعلقة بالسلامة عجلت للأسف بإغلاقها في العام 2005. وتبع ذلك سنوات من المفاوضات، والتخطيط بشأن أفضل طريقة لإعادة افتتاح المتجر، ثم بدأت الأعمال الهيكلية والزخرفية في نهاية المطاف في العام 2015. وتجدر الإشارة إلى أن ذات الحماس الطليعي الذي اتصف به إرنست كونياك وماري لويز جاي، توفر لدى القائمين على مجموعة "أل في ام اتش" LVMH) (عندما شرعوا في مشروع التجديد العملاق، من منطلق أنها فرصة لن تتكرر ثانية لترك انطباعًا رائع.

أمهر المعماريين

التجديدات لم تستثني أي جزء من المبنى وطالت كل حجر منه، حيث تمت الاستعانة بأمهر المعماريين، مبتكري الذوق المشهورين، المواد الراقية، والترميمات المدروسة لمنح "السيدة المرموقة" (لا غراند دام) المكونة من سبعة طوابق حلتها الجديدة. لذلك، توجب أن يكون كل مخطط لوني، استخدام المساحة، نوع الخشب، أسلوب التركيب، أصل الرخام وقطع الأثاث، مطابقة ومتماشية مع هوية المبنى، وفريدة من نوعها بحيث تفتن أي شخص، قبل ربطها بشكل حدسي مع لا ساماريتان. 750 مليون يورو هي الميزانية الإجمالية للمشروع، التي كلفتها عملية التجديد التي منحت شخصية لكل منعطف فيه، لكن داخله حافظ على نمط هادئ بعيدا عن كل ما هو صارخ. تشبه زيارة كل طابق الدخول إلى عالم متكامل، على بعد خطوة واحدة عن جاره، ولكن بتفسير مختلف للحداثة في كل مرة. لم يكن الأمر يتعلق فقط بإضافة طبقة إضافية من الطلاء باهظ الثمن: بل تمرينًا صعبًا للغاية، للحفاظ على شخصية المكان مع تحقيق توافق أنيق لتلبية متطلبات البيع بالتجزئة الحديثة وما بعدها. بالإضافة إلى ذلك، فقد مثل الهيكل السابق للمبنى قائمة طويلة من التحديات بسبب مشكلات السلامة المذكورة سابقًا - وبالتالي كان يخضع لإرشادات صارمة بشأن عملية إعادة الترميم.

الطابع " آرت نوفو"

يمكن الآن توصيف الساماريتان بشكل أفضل عبر مجموعة من الثنائيات، فقد استعادت الزخارف النابضة بالحياة التي تزين الواجهة ذات الطابع "آرت نوفو" (تذكيرًا بحب فرانز جوردان للحداثة) جاذبيتها من ناحية بونت نيوف، بينما غطت أعداد كبيرة غير منتظمة من الألواح الزجاجية المبنى المكون من ثلاثة طوابق من ناحية ريفولي (بإذن من المهندسين المعماريين اليابانيين من استوديو SANAA الحائز على جوائز. فمثلث ثنائية الماضي والحاضر؛ الحيوي والمهدئ؛ وجهان لعملة واحدة. وقد قام هيوبر دو مالهيرب، الخبير في التصميمات التجارية الفاخرة، بتصميم القسم المخصص للتجميل الممتد على مساحة 3400 مترًا مربعًا (وهو القسم الوحيد في الساماريتان الممتد عبر المبنيين). الباركيه، والفسيفساء الأرضية المصممة حسب الطلب، والتركيبات النحاسية المذهبة تستحضر هيكل إيفل الواقع على ارتفاع ستة طوابق، وتحدد مسارًا مصنوعًا من منحنيات يغمرها وهج دافئ. على جانب ريفولي، يجب أن نشكر الشركة الفرنسية سيغ للمناظر الحضرية على تصاميمها المتألفة من مواد معادة التدوير والمواد الخام. وقد كلفت وكالة التصميم الأمريكية، يابو بوشيلبيرج، بالديكور الداخلي لمبنى بون نوف، فتميز خيارها بمجموعة من اللمسات الحديثة عبر مواد نبيلة من أجل أن تضفي على المكان أجواء "نزهة باريسية أنيقة".

الاهتمام بالتفاصيل

وها هو الدرج الضخم، يتصدر بفخر مبنى البون نوف، تزينه 16000 ورقة ذهبية و270 درجة من خشب البلوط وبلاط السيراميك من طراز" أرت نوفو". فلطالما هدف الاهتمام بالتفاصيل إلى جذب الانتباه إليه من جميع الجوانب. وفي الطابق الأخير، استعادت جدارية الطاووس الأيقونية التي يبلغ طولها 115 مترًا، والتي تمتد على طول قاعدة السقف الزجاجي، استعادت بريقها، في حين تم تجديد السقف الزجاجي الرائع وهيكل إيفل ليسترجع لونه وشكله، باستثناء الزجاج الكهربائي الذي يتكيف مع الضوء ويجسد بشكل مثالي العنصر الأساسي لعملية التجديد: التوليف بين عناصر من الماضي وأخرى فائقة الحداثة.